وقريش يعلمون حقيقية ما يدعوهم إليه، قالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} (?)، فلما قويت شوكته أمره الله بالصدع بدعوته {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} (?)، وأخبره أنه عاصمه من كيد الكائدين {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (?)، فدعا إلى الله وعرض نفسه على قبائل العرب، حتى إذا أراد الله إعزار دينه هدى فئة من الأوس والخزرج وهم الأنصار بايعوه على أن يحموه مما يحمون منه أولادهم ونساءهم وأهليهم، فانتقل إليهم فصار سببا لعز الإسلام وقوته.
أمة الإسلام، لقد ظهر في العالم دعوات ضالة، قامت على غير هدى، دعوات قائمة على السرية التامة، دعوات غامضة معالمها، غامضة أهدافها، مقاصدها غير واضحة، دعوات شبكية يحسن دعاتها اقتناص فرائسهم بالتدرج بهم شيئا فشيئا، والارتقاء بهم في درك الضلال، ليمسخوا انتماءهم الديني والوطني، والقبلي وكل انتماء، سوى الانتماء إلى دعوتهم الباطلة، دعوات قادتها مجهولون، قصد أربابها زعزعة العالم وتفكيكه وإيجاد الفوضى بين صفوفه، وتحريك