أي: ارتكبوا المعصية {بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} (?) فنص على نجاة الناهين وهلاك الظالمين، وسكت عن الساكتين؛ لأن الجزاء من جنس العمل، فهم لا يستحقون مدحا فيمدحوا ولا ارتكبوا عظيما فيذموا، ومع هذا اختلف الأئمة فيهم هل كانوا من الهالكين أم كانوا من الناجين؟ (?) فيقوم المسلم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفا من اللعنة التي تحق على من رأى المنكر ولم يغيره، كما بين الله لنا عن قوم من بني إسرائيل أنهم لا يتناهون عن منكر فعلوه، فلذا حق عليهم غضب الله.
قال تعالى: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} (?) {كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} (?) {تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ} (?).
فختم الله الآية الأولى في هذا السياق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون عصوا الله عز وجل وعصوا رسله، وكذبوا بما أنزله الله عليهم وكانوا يعتدون الاعتداء: هو مجاوزة الحد والظلم، فقد جاوزوا حدود الله وتعدوها فضلوا وأضلوا إضافة إلى اعتدائهم وظلمهم.