دفاعا عنه صلى الله عليه وسلم وذبا عن دينه صلى الله عليه وسلم، وحرصوا على متابعته في كل صغيرة وكبيرة، ونقلوا لنا سنته صلى الله عليه وسلم، ولم يخلوا بشيء منها حتى نقلوا لنا اضطراب لحيته في الصلاة إذا استفتح، فلا يمكن أن يكون الاحتفال بالمولد قد عمل في زمنه صلى الله عليه وسلم ولم ينقل مع تعاقب السنين وتوافر الهمم والدواعي لنقله.

ثم نظرنا أفضل القرون بعده صلى الله عليه وسلم وأحب الناس إليه وهم أصحابه فلم ينقل عنهم ناقل أنهم احتفلوا بمولده صلى الله عليه وسلم لا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ولا عمر الفاروق رضي الله عنه ولا عثمان ذو النورين رضي الله عنه ولا علي بن أبي طالب صهر النبي صلى الله عليه وسلم وابن عمه وأبو سبطيه رضي الله عنهم ولا غيرهم من الصحابة رضي الله عنهم بل ولا التابعين ومن تبعهم بإحسان لا في المائة الأولى ولا الثانية ولا الثالثة، مع قيام المقتضي -الذي يذكره أهل العصر الآن- وانتفاء المانع الحسي من ذلك. فعلم أنهم إنما تركوه لقيام المانع الشرعي وهو أنه أمر لم يشرعه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم ولا هو مما يحبه الله ويرضاه ولا مما يقرب إليه زلفى، بل هو بدعة حادثة تتابع على تركها أفضل البشر صلى الله عليه وسلم وأفضل القرون رضي الله عنهم وأفضل علماء الأمة علماء الصدر الأول من الإسلام وفي هذا الدليل العظيم والأصل الأصيل مقنع لمن فتح الله على قلبه وأنار بصيرته ورزقه التوفيق والهدى والسداد.

وهذا الذي ذكرناه من أن السلف لم يفعلوا هذا المولد اتفق عليه علماء المسلمين ممن يرى إقامة المولد ومن لا يراه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015