وهنا أصل أيضا متقرر معلوم عند علماء الإسلام وهو أنه عند حدوث التنازع يجب الرد إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما وجدناه فيه أخذنا به وعملنا به، وما لم نجده لم نتقرب إلى الله به، يقول الله عز وجل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (?)، ويقول سبحانه أيضا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (?)، ويقول صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها الذي عده أهل العلم ميزان العمل الظاهر يقول صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (?)» وفي رواية: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (?)».
إذا تقرر هذا وهو بحمد الله متقرر عند علماء الإسلام نرجع إلى مسألة المولد النبوي، فنقول: لما كان بعض العلماء المتأخرين قد استحسنها، وقد شنع فيها غيرهم من العلماء والمحققين وذكروا بدعيتها، فكانت عندنا من مسائل التنازع فهنا نرجع إلى الأصل في مسائل التنازع ألا وهو الرد إلى كتاب الله وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ونحن إذا رجعنا لكتاب الله لم نجد لهذه المسألة أصلا يعتمد عليه، وبتتبع سيرته صلى الله عليه وسلم لم ينقل لنا أنه أمر بالاحتفال بمولده أو أنه احتفل صلى الله عليه وسلم بمولده، أو أن أحدا احتفل بمولده في عهده صلى الله عليه وسلم فأقره، مع أنه صلى الله عليه وسلم قد عاش ثلاثا وستين سنة، وقد صحبه وآمن به رجال هم أشد الناس محبة له وتوقيرا وتعظيما وفهما لمراد الله والرسول، بل بذلوا أرواحهم