بطرس وإنجيل يوحنا، بل ليس بين هذا الإنجيل وهذه الرسالة اتفاق ما فيما زعموه تكليفا وتحريفا للعبارة عن معناها.
وأما استدلاله باقتطاف أغناطيوس وبوليكريس من روح هذا الإنجيل فهو مثل استدلاله بشهادة بطرس له بل أضعف. إذ معنى هذا الاقتطاف أنه روي عن هذين الرجلين شيء يتفق مع بعض معاني هذا الإنجيل. فإذا سلمنا أن هذا صحيح فهو لا يدل على أن هذا الإنجيل كان معروفا في زمنهما في القرن الثاني للمسيح، لأنهما لم يذكراه ولم يعزوا إليه شيئا. ويجوز أن يكون ما اتفقا فيه من المعنى إن صح ذلك ولم يكن كالاتفاق الذي ذكروه بينه وبين بطرس مقتبسا من كتاب آخر كان متداولا في ذلك الزمان، كما يجوز أن يكون مأخوذا من التقاليد الموروثة عند بعض شعوبه. مثال ذلك: أن يوحنا انفرد باستعمال لفظ - الكلمة - والقول بألوهية الكلمة، ولم يؤثر هذا عن غيره من مؤلفي الكتب المقدسة عندهم، ولا عن أحد من تلاميذ المسيح. وقد بينا في تفسير قوله تعالى: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} (?) أن هذه العقيدة وهذا اللفظ مما أثر عن اليونان والبراهمة والبوذيين وقدماء المصريين. وبحث فيها أيضا (فيلو) الفيلسوف اليهودي المعاصر للمسيح. فإذا فرضنا أن (أغناطيوس) استعمل هذا اللفظ وذكر هذه العقيدة في القرن الثاني، لا يكون هذا دليلا على نقلها عن يوحنا، وعلى أن إنجيل يوحنا ورسالته ورؤياه كانت معروفة في القرن الثاني؛