فجعلنا نفرغها على جدران الكعبة من خارج، من جوانبها كلها، وعبيد الكعبة قد تعلقوا بالبكرات التي تخاط عليها ثياب الكعبة، ويطلون بالغالية جدرانها من أسفلها إلى أعلاها. قال أبو محمد الخزاعي: أنا رأيتها وقد غير الجدر الذي بناه الحجاج مما يلي الحجر، وقد انفتح من البناء الأول الذي بناه ابن الزبير مقدار أصبع من دبرها ومن وجهها، وقد رهم بالجص الأبيض.
حدثني جدي، قال: حج المهدي أمير المؤمنين سنة ستين ومائة، فرفع إليه أنه قد اجتمع على الكعبة كسوة كثيرة حتى أنها قد أثقلها، ويخاف على جدرانها من ثقل الكسوة، فجردها حتى لم يبق عليها من كسوتها شيئا، ثم ضمخها من خارجها وداخلها بالغالية والمسك والعنبر، وطلا جدرانها كلها من أسفلها إلى أعلاها، من جوانبها كلها، ثم أفرغ عليها ثلاث كسى من قباط وخز وديباج، والمهدي قاعد على ظهر المسجد مما يلي دار الندوة ينظر إليها وهي تطلى بالغالية وحين كسيت، ثم لم يحرك ولم يخفف عنها من كسوتها الشيء، حتى كان سنة المائتين، وكثرت الكسوة أيضا عليها جدا فجردها حسين بن حسن الطالبي في الفتنة، وهو يومئذ قد أخذ مكة ليالي دعت المبيضة إلى نفسها وأخذوا مكة، فجردها حتى لم يبق عليها من كسوتها شيئا. قال جدي: فاستدرت بجوانبها وهي مجردة، فرأيت جدران الباب الذي كان ابن الزبير جعله في ظهرها وسده الحجاج بأمر عبد الملك، فرأيت جداته وعتبه على حالها، وعددت حجارته التي سد بها فوجدتها ثمانية وعشرين حجرا، في تسعة مداميك،