ويحتمل أيضا- فذكر نحو ما قال ابن بطال وزاد- فأراد التنبيه على أنه موضع اجتهاد، وأن رأي عمر جواز التصرف في المصالح. وأما الترك الذي احتج به عليه شيبة فليس صريحا في المنع، والذي يظهر جواز قسمة الكسوة العتيقة، إذ في بقائها تعريض لإتلافها، ولا جمال في كسوة عتيقة مطوية.
قال: ويؤخذ من رأي عمر أن صرف المال في المصالح آكد من صرفه في كسوة الكعبة، لكن الكسوة في هذه الأزمنة أهم.
قال: واستدلال ابن بطال بالترك على إيجاب بقاء الأحباس لا يتم إلا إن كان القصد بمال الكعبة إقامتها وحفظ أصولها إذا احتيج إلى ذلك، ويحتمل أن يكون القصد منه منفعة أهل الكعبة وسدنتها، أو إرصاده لمصالح الحرم أو لأعم من ذلك. وعلى كل تقدير فهو تحبيس لا نظير له فلا يقاس عليه. انتهى.
ولم أر في شيء من طريق حديث شيبة هذا ما يتعلق بالكسوة، إلا أن الفاكهي روى في (كتاب مكة) من طريق علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة رضي الله عنها قالت: " دخل على شيبة الحجبي، فقال: يا أم المؤمنين، إن ثياب الكعبة تجتمع عندنا فتكثر، فننزعها ونحفر بئارا فنعمقها وندفنها لكي لا تلبسها الحائض والجنب. قالت: بئسما صنعت، ولكن بعها فاجعل ثمنها في سبيل الله وفي المساكين، فإنها إذا نزعت عنها لم يضر من لبسها من حائض أو جنب. فكان شيبة يبعث بها إلى اليمن فتباع له فيضعها حيث أمرته "، وأخرجه البيهقي من هذا الوجه، لكن في إسناده راو ضعيف، وإسناد الفاكهي سالم منه.
وأخرج الفاكهي أيضا من