{وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} (?).
إنهم ينكرون التوحيد، ولا يعرفون صفاء العقيدة، مستعبدون في فكرهم، مشركون في تفكيرهم، وقالوا للذين كفروا وكرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر، بل لعلهم قالوا سنطيعكم في كل الأمر، إنهم حين لم يعرفوا التوحيد، ولم يحققوه، أصبحوا فئة منفصلة عن أمة الإسلام، بفكرها ومعتقدها، تولي وجهها نحو الشرق أو الغرب، وقد تجلى ذلك في تمردهم على أصالة الأمة، وأمجادها، وتراثها.
وبعد: فإن نعمة التوحيد يخرج بها قلب العبد من ظلمات الشرك وجهالاته إلى نور الإيمان بالله وتوحيده، يخرج من التيه والحيرة والضلال إلى المعرفة واليقين والطمأنينة والرضى والهداية، يخرج من الدينونة المذلة لأرباب متفرقين إلى الدينونة الموحدة لرب الأرباب: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (?). وصفوة القول فإن العقيدة هي الأصل والأساس، والعبادة هي البناء القائم على أساس العقيدة، وتحقيق التوحيد يحتاج إلى يقظة قلبية دائبة دائمة، تنفي عن النفس كل خاطرة تقدح في عبودية العبد لربه، وتدفع كل خرافة شيطانية في كل حركة، أو تصرف، ليكون ذلك كله خالصا لله وحده دون من سواه. ومع