تقسم الحقوق أيضا من وجهة نظر انتقالها إلى الورثة إلى قسمين: فهناك حقوق تنتقل إلى الورثة فتورث، وحقوق لا تنتقل ولا تورث، وفي هذا نجد خلافا بين الفقهاء مثاره حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك مالا أو حقا فلورثته (?)»، فمن الفقهاء من قال بوراثة الحقوق أخذا من إطلاق الحق في الحديث. ومنهم من نازع في ذلك؛ لأن المراد بالحق في الحديث حق قابل للانتقال، بدليل قوله: فلورثته - على ما مر - وليس كل حق قابلا للانتقال. وقالوا أيضا: إن الثابت في الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: من ترك مالا وأما الزيادة الأخرى أو حقا فلم تثبت، وما لم يثبت لا يتم به الدليل (?).
ونعرض فيما يلي لأقوال العلماء في بعض الحقوق:
(أ) حقوق اتفقوا على أنها تورث:
كحقوق الارتفاق، سواء كانت تابعة للعقار المرتفق به أم منفردة عنه، فتنتقل إلى ورثة مالكها كما تنتقل الأعيان؛ وذلك لأن الوراثة خلافة قهرية بحكم الشارع وليست تمليكا اختياريا، ولأن الملك بالإرث يقع حكما لا قصدا، ويجوز أن يثبت الشيء حكما وإن كان لا يثبت قصدا (?).
وكذلك حق الكفالة بالدين، وحق حبس المبيع عن المشتري حتى يستوفي البائع عاجل الثمن، وحق حبس الرهن. فهذه الحقوق تورث لأنها من الحقوق اللازمة المؤكدة.