مواطني دول الكومنولث أن يعيشوا بين الإنجليز في بلادهم وأن يكون لهم من الحقوق ما لهم على الأقل من وجهة النظر القانونية، وإن كان الواقع الممارس يفرق بين أهل البلاد الأصليين وبين الوافدين إليها من الخارج
واتسع نطاق هذه الهجرة أكثر وأكثر في السنوات العشر الأخيرة، وقد وضعت بعض القيود في العامين الأخيرين كمحاولة لصد تيار الهجرة الجارف، وتعالت أصوات كثير من الإنجليز بالدعوة إلى إعادة هؤلاء المهاجرين إلى بلادهم وسواء وجدت هذه الدعوة استجابة أو لم تجد. . فإن الجماعات الإسلامية قد استقرت هناك إلى ما شاء الله وأصبح لها وضعها وكيانها، وأخذت من يوم لآخر تتقدم بطلباتها إلى المسئولين باعتبارهم مواطنين يحق لهم أن يمارسوا نشاطهم الديني حسب عقيدتهم ودينهم، وأن يكون لهم من العادات والتقاليد ما تقبله عقيدتهم حتى وإن اختلف مع تقاليد وعادات المجتمع الذي يعيشون فيه.
ولا شك أن عددا كبيرا من المسلمين قد تأثر بما هو سائر في المجتمع الإنجليزي وتابعه ونسي تقاليده وعقيدته وأخلاقه، إلا أن الحقيقة الواقعة أنه بجانب ذلك قد أقبلت مجموعات من الإنجليز الأصلاء على اعتناق الإسلام، وتطبيق منهجه في الحياة والسير على هداه سواء وافق ذلك تقاليد المجتمع الإنجليزي أو لم يوافق.
حدث في السنوات الأخيرة إقبال عدد من الإنجليز على اعتناق الإسلام، ولهذه الظاهرة عدة أسباب أولها: أن الإنجليزي والأوروبي بوجه عام لم يجد في تعاليم الكنيسة ما يلبي حاجاته الروحية ويحقق له الأمن والاطمئنان النفسي الذي يتطلع إليه صاحب النفس المؤمنة، فهو وإن تحقق له من وسائل الحياة المادية ما يلبي رغبات حياته ويجعلها إلى حد ما هادئة مستقرة إلا أنه مع ذلك كله شعر بخواء روحي شديد جعل حياته يستبد بها القلق، ويعكر صفوها عدم الاطمئنان، فإذا ذهب إلى الكنيسة يتلمس فيها مخرجا من الحيرة التي تنتابه لم يجد عندها إلا رسوما وطقوسا وكلمات ميتة لم تمس قلبه ولم تحرك أشواق نفسه فانصرف عن الكنيسة يائسا حزينا ولم يعد يربطه بها إلا أمور ثلاثة: التعمير والزواج والموت، وكانت النتيجة أن انصرف أغلب الناس عن الكنيسة وأخذوا يتطلعون إلى شيء جديد يملأ الفراغ الذي يشعرون به وساعد على ذلك روح الحرية التي كفلتها لهم القوانين، فانصرف بعضهم إلى القراءة والبحث، وبعضهم إلى الملاحظة والاستقراء، وتهيأ لبعضهم أن يخالط المسلمين، إما في بلادهم وإما في قاعات الدرس في ساحة الجامعات، كل ذلك أعطاهم فرصة للبحث والدراسة والمقارنة وكثير منهم يرى وسائل الحياة المادية ميسرة له محيطة به، ولكنه لا يحس طعم السعادة التي يرى المسلم العادي الفقير المحروم من أغلب وسائل الحياة المدنية يشعر بها، وتضفي الأمن والرضى على نفسه، فجعله ذلك يفكر ويبحث، وبذلك اهتدى عدد لا بأس به إلى الإسلام وأقبلوا عليه لأنهم وجدوا