وإقامة قواعدهم عليها - وقف عند بعض الحروف فقدر وأول ما لا يلزم تقديره وتأويله في الحقيقة، ومن هؤلاء الكسائي، فهو مثلا حين رأى المضارع محذوف النون في قوله تعالى: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ} (?) قال إنها حذفت على تقدير لام الأمر، ورتب على ذلك قاعدة نحوية عامة هي حذف لام الأمر من الفعل المضارع بشرط تقديم الفعل "قل" عليه، بينما رأى البصريون - ورأيهم أيسر - أن الفعل المضارع يجزم في جواب الأمر ترتيبا على الآية ونحوها من قولنا: "ائتني أكرمك" دون تأويل أو تقدير (?).
ولقد كان الكسائي أيضا من أوائل من خطأوا القراء ومنعوا القراءة ببعض الحروف، من ذلك أنه لم يجز قراءة جمهور السبعة الفعل "يكون" في قوله تعالى: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (?) بالرفع على جعل الكلام مكتفيا بقوله تعالى: {أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ} (?) ثم قال: " فيكون " أي فيكون ما أراد الله على الاستئناف أو عطف الجمل، ورأى أن الصواب هو النصب على عطف " فيكون " عطف نسق على الفعل المنصوب بـ"أن" وهو "يقول" (?)، وهو ما قرأ به ابن عامر من السبعة.
وقد حذا الفراء حذو أستاذه الكسائي فأنكر عددا من القراءات وخطأ قراءها، فقد اعترض مثلا على قراءة عاصم - من السبعة - والأعمش لكلمة "يؤده" بسكون الهاء في قوله تعالى: {وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} (?) وقال إن الجزم ليس في الهاء وإنما هو فيما قبلها، وإن ما حدث من عاصم ومن شاكله من القراء خطأ أو توهم.
وقد صحح الفراء في بعض الأحيان ما خطأه الكسائي من