القراءات، قال مثلا: قرأ الكسائي وابن عامر من السبعة "يكون" في قوله تعالى: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (?) - بالنصب؛ لأنها مردودة؛ أي معطوفة على فعل قد نصب بـ"أن" وهو "نقول" وأكثر القراء على الرفع، والرفع صواب، وذلك أن تجعل الكلام مكتفيا عند قوله تعالى: "إذا أردناه أن نقول له كن" فقد تم الكلام، ثم قال "فسيكون ما أراد الله"، وإنه لأحب الوجهين إلي، وإن كان الكسائي لا يجيز الرفع في الآية ويذهب إلى النسق (?).
كذلك اتفق أئمة البصريين والكوفيين أحيانا على موقف واحد دون خلاف، فعلوا هذا مثلا في قراءة أبي جعفر "ليجزي قوما بما كانوا يكسبون" ببناء الفعل "يجزي" للمجهول، وهي قراءة شاذة، ومع ذلك أخذ بها الكوفيون وكذلك الأخفش البصري وأقاموا عليها قاعدتهم القاضية بجواز إنابة غير المفعول به مع وجوده عن الفاعل وطردوها، ولم يخطئ سيبويه والبصريون أيضا هذه القراءة الشاذة لكنهم ذهبوا إلى أن الاستدلال بها إنما يتم على أن نائب الفاعل هو ضمير مستتر يعود إلى مصدر الفعل المبني للمجهول وهو الجزاء وليس الجار والمجرور، كما قال بذلك الأخفش والكوفيين، أو على أن الجار والمجرور هو نائب الفاعل كما قال هؤلاء، لكن على وجه الاستثناء لأن هذه القراءة تعد عندهم مقبولة كما هي مقبولة عند الأخفش والكوفيين، فلا يسعهم رفضها، لكنهم يحفظونها فلا يقيسون عليها لشذوذها وهي في ذلك تشبه عندهم ما يكون في ضرورات الشعر، في حين يقيس عليها الفريق الآخر مع عدم تواترها ولا يحملها محمل الضرورة (?).
وهذا على كل حال اختلاف بين الكوفيين والأخفش وبين جمهور