قالوا: إن أقسط مصوغة من قسط الثلاثي بصرف النظر عن أن معنى قسط هو جار ولم يعدل وأن هذا نقيض المعنى المراد في الآية، وقالوا: إن أقوم صحيحة فصيحة ولكن هذا لا يمنع من الحكم بشذوذها هنا حتى لو كانت في القرآن.
ويبدو أن البصريين - كما يظهر من هذه النماذج الثلاثة التي ذكرناها ومن نحوها لم يستقصوا وجوه قراءات القرآن على ما ينبغي قبل أن يقرروا قواعدهم ويحرروا ضوابطهم، مما جعلهم يعمدون إلى مثل ما رأينا من الأحكام، حين رأوا قواعدهم تقصر عن شمول بعض القراءات المعتد بها.
إن ما سبق حمل مخالفي البصريين وأخصامهم على أن يعيبوا عليهم شدة حفاظهم على قواعدهم، وتمسكهم بها كما وضعت، وركوبهم متن الشطط في جعلها أهم من قبول المسموع والإقرار به كما هو، وتخطئتهم ما يعجزون عن تأويله من الشواهد المختلفة، وحملهم أيضا على أن يرموهم بالمبالغة في التكلف لكي لا تنتقض هذه القواعد بشاهد حتى لو كان من القرآن الكريم، ودفعهم كذلك إلى أن يستنكروا زعم بعض البصريين أن القراءات المخالفة لقوانينهم إن لم تكن ظنا فهي تخليط ربما تولد من خطأ كتاب المصاحف في الرسم، وأن القرآن يجب أن يستمد قراءاته من قواعدهم، مع أن الواجب هو أن يستمدوا قواعدهم من الكتاب العزيز وأن يدينوا له بالإذعان؛ لأنه أفصح كلام عرفه اللسان العربي المبين.
على أن كتب النحو والقراءات القديمة والحديثة قد تضمنت ردودا مستفيضة على هذه الاتهامات التي وجهت إلى البصريين ودفاعا حسنا عن مسلك جمهورهم، ويمكن أن أضيف إلى هذه الردود أن ما نسب