وفيها جواب الشرط جملة اسمية غير مقترنة بالفاء أو بإذا الفجائية وكان من غير الممكن القول بأن "إن" غير شرطية لأن "إن" غير "إذا" ذهبوا بذكاء إلى أن جواب الشرط محذوف وهو مقترن بالفاء وفاقا لقاعدتهم، وأن التقدير "كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت الوصية للوالدين إن ترك خيرا فليوص".

ونسوق في التمثيل لذلك أيضا قوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ} (?) الذي خرجه سيبويه وجمهور البصريين على تقدير فعل محذوف مماثل للفعل المذكور؛ لأن قاعدتهم لا تجيز دخول إن الشرطية على اسم، في حين أعرب القراء وجمه

ور الكوفيين الذين يجيزون تقديم الفاعل الاسم الظاهر على فعله - "امرؤ" فاعلا متقدما لفعل الشرط المؤخر المذكور، وأعرب الأخفش البصري "امرؤ" مبتدأ وما بعده خبرا والجملة الاسمية (?) شرطا لإن، فمجيء شرط إن جملة اسمية من قواعده المقررة.

ومع أن إعراب الأخفش ثم إعراب الكوفيين أوضح وأسلس من إعراب جمهور البصريين وإمامهم؛ لأن ما لا يحتاج إلى تقدير خير مما يحتاج إليه كما يقال - فإن ذلك لا يعني أن إعراب البصريين خطأ، كما لا يعني أن مبعث ما فعلوه هو أن نص الآية كما هو غير مستقيم يحتاج إلى تأويل وتقدير لإقامته.

والأوجه في هذه الآية ونحوها أن ينبني ترجيح أحد الإعرابين على قسيمه على المفاضلة بينهما باعتبار أن الأفضل والمفضول صحيحان، وأن الأولى لا يقتضي بطلان غير الأولى، ومن ثم لا يسوغ القول إن تقدير سيبويه ومن تابعه وتوجيههم للآية هو تخطئة لها أو التواء بها لتنسجم مع القاعدة النحوية لمجرد التمسك بالصنعة وحدها أو التحمل في تطبيق قواعدها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015