ولا يقال: فالعقوبة إنما كانت على رد (?) الاستثناء وحده لوجهين:
أحدهما: أن العقوبة من جنس العمل، وترك الاستثناء عقوبته أن يعوق وينسى لا إهلاك ماله، بخلاف عقوبة ذنب الحرمان فإنها حرمان كالذنب.
الثاني: أن الله تعالى أخبر عنهم أنهم قالوا {أَنْ لَا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ} (?) (69 - 34) ورتب العقوبة على ذلك، فلو لم يكن لهذا الوصف مدخل في العقوبة لم يكن لذكره فائدة فإن لم يكن هو العلة التامة كان جزءا من العلة.
وعلى التقديرين: يحصل المقصود.
وأيضا: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إنما الأعمال بالنيات (?)» والمتوسل بالوسيلة التي صورتها مباحة إلى المحرم إنما نيته المحرم، ونيته أولى به من ظاهر عمله.
وأيضا: فقد روى ابن بطة وغيره بإسناد حسن عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل» وإسناده مما يصححه الترمذي.
وأيضا: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها وباعوها وأكلوا أثمانها (?)» و " جملوها " يعني أذابوها وخلطوها، وإنما فعلوا ذلك ليزول عنها اسم الشحم ويحدث لها اسم آخر، وهو الودك وذلك لا يفيد الحل، فإن التحريم تابع للحقيقة وهي لم تتبدل بتبدل الاسم.
وهذا الربا تحريمه - تابع لمعناه وحقيقته فلا يزول بتبدل الاسم بصورة البيع كما لم يزل تحريم الشحم بتبديل الاسم بصورة الجمل والإذابة، وهذا واضح بحمد الله.