السلعة وإنما القصد الأول مائة بمائة وعشرين فضلا عن علم المتعاقدين ونيتهما، ولهذا يتواطأ كثير منهم على ذلك، قبل العقد ثم يحضران تلك السلعة محللا لما حرم الله ورسوله.
وأما المقام الثاني وهو أن الوسيلة إلى الحرام حرام - فبانت بالكتاب والسنة والفطرة والمعقول فإن الله سبحانه مسخ اليهود قردة وخنازير لما توسلوا إلى الصيد الحرام بالوسيلة التي ظنوها مباحة، وسمى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتابعون مثل ذلك مخادعة، كما تقدم.
وقال أيوب السختياني: " يخادعون الله كما يخادعون الصبيان، لو أتوا الأمر على وجهه كان أسهل والرجوع إلى الصحابة في معاني الألفاظ متعين، سواء كانت لغوية أو شرعية، والخداع حرام وأيضا فإن هذا العقد يتضمن إظهار صورة مباحة وإضمار ما هو من أكبر الكبائر، فلا تنقلب الكبيرة مباحة بإخراجها في صورة البيع الذي لم يقصد نقل الملك فيه أصلا، وإنما قصده حقيقة الربا.
وأيضا فإن الطريقة متى أفضت إلى الحرام فإن الشريعة لا تأتي بإباحتها أصلا، لأن إباحتها وتحريم الغاية جمع بين النقيضين، فلا يتصور أن يباح شيء ويحرم ما يفضي إليه، بل لا بد من تحريمهما أو إباحتهما والثاني باطل قطعا فيتعين الأول.
وأيضا: فإن الشارع إنما حرم الربا، وجعله من الكبائر، وتوعد آكله بمحاربة الله ورسوله لما فيه من أعظم الفساد والضرر فكيف يتصور - مع هذا - أن يبيح هذا الفساد العظيم بأيسر شيء يكون من الحيل.
فيالله العجب، أترى هذه الحيلة أزالت تلك المفسدة العظيمة وقلبتها مصلحة بعد أن كانت مفسدة.
وأيضا: فإن الله سبحانه عاقب أهل الجنة الذين أقسموا ليصرمنها مصبحين، وكان مقصودهم منع حق الفقراء من الثمر المتساقط وقت الحصاد فلما قصدوا منع حقهم منعهم الله الثمرة جملة.