من حديد أو منديلا أو سكينا ونحو ذلك.
ولا ريب أن العينة على وجهها أسهل من هذا التكلف وأقل مفسدة، وإن كان الشارع قد حرم مسألة العينة لمفسدة فيها فإن المفسدة لا تزول بهذه الحيلة بل هي بحالها وانضم إليها مفسدة أخرى أعظم منها وهي مفسدة المكر والخداع واتخاذ أحكام الله هزوا وهي أعظم المفسدتين، وكذلك سائر الحيل لا تزيل المفسدة التي حرم لأجلها وإنما يضم إليها مفسدة الخداع والمكر، وإن كانت العينة لا مفسدة فيها فلا حاجة إلى الاحتيال عليها، ثم إن العينة في نفسها من أدنى الحيل إلى الربا فإذا تحيل عليها المحتال صارت حيلا متضاعفة ومفاسد متنوعة، والحقيقة والقصد معلومان لله وللملائكة وللمتعاقدين ولمن حضرهما من الناس، فليصنع أرباب الحيل ما شاءوا، وليسلكوا أية طريق سلكوا فإنهم لا يخرجون بذلك عن بيع مائة بمائة وخمسين إلى سنة فليدخلوا محلل الربا أو يخرجوه فليس هو المقصود، والمقصود معلوم والله لا يخادع ولا تروج عليه الحيل ولا تلتبس عليه الأمور.
قال ابن القيم - رحمه الله - في تهذيب السنن على حديث «إذا تبايعتم بالعينة (?)»
وفي الباب حديث أبي إسحاق السبيعي عن امرأته أنها دخلت على عائشة - رضي الله عنها - فدخلت معها أم ولد زيد بن أرقم، فقالت: يا أم المؤمنين، إني بعت غلاما من زيد بن أرقم بثمانمائة درهم نسيئة، وإني ابتعته منه بستمائة نقدا، فقالت لها عائشة: (بئسما اشتريت، وبئسما شريت، أخبري زيدا أن جهاده مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بطل إلا أن يتوب).
هذا الحديث رواه البيهقي والدارقطني، وذكره الشافعي، وأعله بالجهالة بحال امرأة أبي إسحاق، وقال: لو ثبت فإنما عابت عليها بيعا إلى العطاء، لأنه أجل غير معلوم.