وأما الإيمان باليوم الآخر ففي قوله -عز وجل-: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (?) يعني يوم الحساب والجزاء، وحين يدان الناس بأعمالهم: أي يجزون.
وأما الإيمان بالقدر ففي قوله -عز وجل-: {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (?) {اهْدِنَا الصِّرَاطَ} (?) إذ فيه بيان أن الإعانة على عبادته منه، والاستعانة به والهداية إليه، وإلى الأول الإشارة بقوله -عز وجل-: {فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} (?)، {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} (?) ونحوها، وإلى الثاني الإشارة بقوله -عز وجل-: {مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي} (?) ونحوها من الآيات المثبتة للقدر.
فأما ما في القرآن من القصص وأخبار الأولين والآخرين فهو خارج مخرج التكملة للمقاصد المذكورة، وربما تضمنه قوله -عز وجل-: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (?) إلى آخر السورة، لأن المخبر عنهم في القرآن لا يخرجون عن أن يكونوا منعما عليهم، أو مغضوبا عليهم، أو مهتدين، أو ضالين، فهذا وجه.
والوجه الثاني أن القرآن مشتمل على الوعد والوعيد، والحلال والحرام، وغيرهما من الأحكام والقصص والأخبار: أما الوعد ففي ضمن قوله -عز وجل-: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} (?) وقوله -عز وجل-: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (?) والوعد فيه ظاهر لاشتماله على صفتي الرحمة والإنعام. وأما الوعيد ففي قوله -عز وجل-: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (?) إذ فيه إشارة إلى أنه -عز وجل- مالك يوم الحساب والجزاء، فيجازي كلا بفعله: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ} (?)، وأيضا قوله -عز وجل-: {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} (?) لأن صفتي الغضب والضلال تقتضيان ترتب الوعيد عليهما.