وأما الحلال والحرام ونحوهما من الأحكام ففي قوله -عز وجل-: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (?) إذ المراد بالدين الجزاء المستلزم للتكليف بأحكام الأفعال المجازى عليها من إيجاب وحظر وكراهة وندب. وكذا قوله -عز وجل-: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ} (?) فصرح بلفظ التعبد الذي هو من التكليف الموجب لوجود الأحكام على المكلفين.

وأما القصص والأخبار ففي قوله -عز وجل-: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} (?) إلى آخر السورة. ويقرره ما مر في الوجه قبله من أن المخبر عنهم إما منعم عليه أو مغضوب عليه، أو مهتد أو ضال. وما كان من الأخبار المعاديد، ففي قوله -عز وجل-: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (?) وهي مذكورة في كتاب "العاقبة" وكتاب البعث والنشور وغيرها من كتب السنة.

الوجه الثالث: أن القرآن لا يخرج عن أن يكون ثناء على الله -عز وجل- أو عبادة له -سبحانه وتعالى -، والفاتحة أولها ثناء وآخرها عبادة، أعني دعاء إليها. والعبادة تارة تكون بالدعاء نحو " اهدنا " وهو مخ العبادة كما صح به الحديث، ودل عليه قوله -عز وجل-: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي} (?) الآية. وتارة بغير الدعاء نحو: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (?)

فهذه ثلاثة أوجه في بيان اشتمال الفاتحة على مقاصد القرآن من حيث الإجمال، وربما أمكن استخراج غيرها عند إمعان النظر، لكني لم أستقصه وإنما أوردت ما ظهر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015