فالمرأة تعمل ضمن اختصاصها، وبما يتفق مع طبيعتها، وأنوثتها، فتقوم بالإشراف على البيت وتنظيمة وترسيمه، وتربية الأبناء ورعايتهم النفسية والعاطفية، والرجل يعمل ضمن اختصاصه، وبما يتفق مع طبيعته ورجولته، فيقوم بالسعي وراء العيال، والقيام بأشق الأعمال، لتوفير متطلبات الأسرة ومصروفاتها، " وهذا ما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم بين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وبين زوجته فاطمة رضي الله عنها " (?)، لأن الواحد منهما لو شغل بمجموع البيت وخارجه لتعطلت مصالح الحياة، قال ابن قدامة: " ومنها التكفل بشغل الطبخ والكنس والفرش وتهذيب أسباب العيش، فإن الإنسان يتعذر عليه أكثر ذلك مع الوحدة، ولو تكفل به لضاع أكثر وقته " (?).
والزواج يعلم الزوجين مسئولية الشرف ومفهومه وتقديره، وحمايته والحرص عليه، والتفاني في سبيله، وربما تساهل أقوام في ذلك قبل الزواج، ولكنهم إذا ولجوا الحياة الأسرية، وصار لهم أزواج وذرية، أدركوا أهمية الشرف، والغيرة عليه، وكم من الشباب كانوا متحمسين قبل زواجهم للاختلاط والسفور والفجور، فغيرهم الزواج، وعدل من نظراتهم القاصرة، وأضحوا متحمسين للشرف والعرض وضوابط المسئوليات.
كما يستشعر الآباء والأمهات - بالزواج - فضل آبائهم وأمهاتهم عليهم، وما بذلوه من مسئوليات تجاههم، ولهذا قيل: لا يعرف الأبناء فضل والديهم عليهم إلا بعد الإنجاب، وهذا يؤكد بأن الزواج مدرسة كاملة يتعلم من خلالها الزوجان معنى المسئولية، وفقه الحياة.
" وأما هؤلاء الذين يعرضون عن الزواج، ويتعللون بمتاعبه ومطالبه، وبأنه تقييد للحرية، فهم قوم جهلوا أو تجاهلوا معنى الإنسانية، وجدير بعقلاء الناس أن يضيقوا عليهم المسالك، حتى يرحلوا عن بيئات الإنسان إلى غاب