وقال ابن عبد الهادي ردا على ابن رجب في استدلاله بالآيات التي سبقت (?) وأما استدلاله بقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (?) إلى قوله: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (?). قال: فليس بمسلم، لأن في حديث ركانة قال له " راجعها " تلا هذه الآية فهذه الآية دليل لنا لا لكم، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قضى له بهذا استدل بالآية، فلو كان فيها دليل عليه لم يستدل بها، واستدلاله بالآية يقول ابن عباس، فإن ابن عباس قد صح عنه أنه كان يفتي بهذا القول - أي واحدة - كما تقدم فليس لكم في الآية دليل.
وأما استدلاله بقوله تعالى: {وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا} (?) واستدلاله بالحديث أي حديث الحسن وقد مضى مع الآية - فالآية والحديث ليس فيهما دليل له، لأنه لم يثبت طلاق الثلاث بالكلية، وإنما كان يطلق ويقول كنت لاعبا فنزلت هذه الآية، إن الطلاق لا لعب فيه فليس في هذا دليل.
وأما استدلاله بالآية الآخرى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (?) فليس فيها دليل أيضا، لأن الطلاق هنا لم يذكر أنه بلفظة واحدة، بل الآية فيها إذا أتى بالطلاق مرة بعد أخرى، وليس في الآيات دليل له، بل كلها دليل عليه.
وأما السنة فقد استدلوا بالأدلة الآتية:
الدليل الأول: ما ثبت في الصحيحين (?) في قصة لعان عويمر وزوجته وفيه: فلما فرغا «قال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم (?)» - قال ابن شهاب فكانت سنة المتلاعنين. متفق عليه.
قال النووي (?): واستدل به أصحابنا على أن جمع الطلقات الثلاث بلفظ واحد ليس حراما، وموضع الدلالة أنه لا ينكر عليه إطلاق لفظ الثلاث.