أبيه كتاب سليمان لعله سمع منه الشيء اليسير، ولم أجد أحدا في المدينة يخبرني عن مخرمة بن بكير أنه كان يقول في شيء من حديثه " سمعت أبي " ومخرمة ثقة. . انتهى ويكفي أن مالكا أخذ كتابه فنظر فيه واحتج به في موطئه، وكان يقول: حدثني مخرمة، وكان رجلا صالحا.

وقال أبو حاتم: سألت إسماعيل بن أبي أويس، قلت هذا الذي يقول مالك بن أنس: حدثني الثقة من هو؟ قال مخرمة بن بكير، وقيل لأحمد بن صالح المصري كان مخرمة من ثقات الرجال؟ قال: نعم، وقال ابن عدي عن ابن وهب ومعن بن عيسى عن مخرمة: أحاديث حسان مستقيمة وأرجو أنه لا بأس به.

وفي صحيح مسلم قول ابن عمر للمطلق ثلاثا: حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك وعصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك، وهذا تفسير منه للطلاق المأمور به، وتفسير الصحابي حجة، وقال الحاكم هو عندنا مرفوع.

ومن تأمل القرآن حق التأمل تبين له ذلك وعرف أن الطلاق المشروع بعد الدخول، هو الطلاق الذي تملك به الرجعة، ولم يشرع الله سبحانه إيقاع الثلاث جملة واحدة البتة، قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (?) ولا تعقل العرب في لغتها وقوع المرتين إلا متعاقبتين، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمده ثلاثا وثلاثين، وكبره ثلاثا وثلاثين (?)» ونظائره، فإنه لا يعقل من ذلك إلا تسبيح وتكبير وتحميد متوال، يتلو بعضه بعضا، فلو قال سبحانه الله ثلاثا وثلاثين، والحمد لله ثلاثا وثلاثين، والله أكبر ثلاث وثلاثين - بهذا اللفظ - لكان ثلاثا مرات فقط، وأصرح من هذا قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ} (?) فلو قال أشهد بالله أربع شهادات بالله إني لمن الصادقين، كانت مرة، وكذلك قوله: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} (?) فلو قالت أشهد بالله أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين كانت واحدة.

وأصرح من ذلك قوله تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ} (?) فهذا مرة بعد مرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015