مخرمة بن بكير فقال: هو ثقة، ولم يسمع من أبيه، وإما هو كتاب مخرمة، فنظر فيه كل شيء، يقول: " بلغني عن سليمان بن يسار " فهو من كتاب مخرمة، وقال أبو بكر بن أبي خيثمة سمعت يحيى بن معين يقول: مخرمة بن بكير وقع إليه كتاب أبيه ولم يسمعه، وقال في رواية عباس الدوري: هو ضعيف، وحديثه عن أبيه كتاب ولم يسمعه منه، وقال أبو داود لم يسمع من أبيه إلا حديثا وأحدا حديث الوتر، وقال سعيد بن أبي مريم، عن خاله موسى بن سلمة، أتيت مخرمة فقلت: حدثك أبوك فقال: لم أدرك أبي ولكن هذه كتبه.
والجواب عن هذا من وجهين:
أحدهما: أن كتاب أبيه كان عنده محفوظ مضبوط، فلا فرق في قيام الحجة بالحديث بين ما حدثه به، أو رآه في كتابه، بل الأخذ عن النسخة أحوط، إذا تيقن الراوي أنها نسخة الشيخ بعينها، وهذه طريقة الصحابة والسلف، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبعث كتبه إلى الملوك، وتقوم عليهم بها الحجة، وكتب كتبه إلى عماله في بلاد الإسلام فعملوا بها، واحتجوا بها، ودفع الصديق كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الزكاة إلى أنس ابن مالك فحمله وعملت به الأمة، وكذلك كتاب إلى عمرو بن حزم في الصدقات الذي كان عند آل عمرو، ولم يزل السلف والخلف يحتجون بكتاب بعضهم إلى بعض، ويقول المكتوب إليه: كتب إلى فلان أن فلانا أخبره.
ولو بطل الاحتجاج بالكتب لم يبق بأيدي الأمة إلا أيسر اليسير، فإن الاعتماد إنما هو على النسخ لا على الحفظ، والحفظ خوان، والنسخة لا تخون، ولا يحفظ في زمن من الأزمان المتقدمة أن أحدا من أهل العلم رد الاحتجاج بالكتاب، وقال: لم يشافهني به الكاتب فلا أقبله، بل كلهم مجمعون على قبول الكتاب والعمل به إذا صح عنده أنه كاتبه.
الجواب الثاني: أن قول من قال: " لم سمع من أبيه " معارض بقول من قال: " سمع منه " ومعه زيادة علم وإثبات، قال عبد الرحمن بن أبي حاتم، سئل أبي مخرمة بن بكير؟ فقال صالح الحديث. قال: وقال ابن أبي ذئب: - وحدث في ظهر كتاب مالك - سألت مخرمة عما يحدث به عن أبيه سمعها من أبيه، فحلف لي ورب هذه البنية - يعني المسجد - سمعت من أبي.
وقال علي بن المديني: سمعت معن بن عيسى يقول: مخرمة سمع من أبيه، وعرض عليه ربيعة أشياء من رأي سليمان بن يسار، وقال علي: ولا أظن مخرمة سمع من