التبصر بالأحكام ودراسة الأمور والبحث عن الأدلة واختيار ما صح منها، وما زالت أقوالهم تشهد وتحكم على خطأ كثير ممن ينتسب إليهم اليوم فقد قلبوا الأمور فأباحوا التقليد، بل وأوجبوه عندما قسموا الأمة إلى مجتهدين ومقلدين فقط، وأغلق بعضهم باب الاجتهاد صراحة، وبعضهم جعلوه مستحيلا بالتشديد على شروطه، والأغرب من ذلك أن بعض من تقلد مناصب الإفتاء في بعض بلاد المسلمين أقر على نفسه بالتقليد الذي هو رديف الجهل، فالمقلد هو العامي الجاهل الذي فرض دينه عليه أن يتعلم، وجعل العلم فوق العبادة ليجتاز مرحلة التقليد هذه بسرعة؛ لأنها غير مرغوب بها، وإنما تباح مؤقتا في حالة عدم العلم بأمر الله ورسوله.
وحقيقة الأمر أن الأمة تقسم إلى ثلاث طبقات: المجتهدون والمتبعون والمقلدون، ولا يعقل لمقلد الأمس أن يطفر فيصبح مجتهد اليوم دون أن يمر على مراحل، مرحلة مرحلة، وبعض المراحل قد تستغرق عمره، وهي مرحلة الاتباع التي يأخذ فيها أدلة الأحكام الشرعية من قول الله تعالى وقول وفعل وإقرار رسوله الأمين عليه الصلاة والسلام وآله وصحبه أجمعين.
وبعضهم عوضا أن يلتقي مع أخيه ويبادره بتحية الإسلام يبادره بقوله تقبل الله، التي لا ضير منها إذا تبعت تحية الإسلام لا أن تحل محلها. وبعضهم وقع في ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وخسر أجر إحياء السنة عندما التزم تقبيل الأيدي أو الرأس أو الوجه أو الانحناء، كل هذا صد لقوله عليه الصلاة والسلام «. . . . وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم (?)». . .، وهي جملة في خطبة الحاجة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستفتح بها خطبه، ونهيب بالإخوة الدعاة وخطباء المساجد والوعاظ تذكير الناس بها عمليا إحياء لهذا السنة المباركة عند افتتاح الخطب عموما وخطب الجمعة والأعياد خصوصا.
أما على أثر السفر فقد ورد عن بعض الصحابة المعانقة والمصافحة بين المسلمين تسبب تساقط ذنوبهم كما تتساقط أوراق الشجر حسب الحديث