تبتدئ في الممالك الشرقية بالقروض وشراء الأملاك وتنتهي بالتداخل القوة أو التغلب بدعوى بث المدنية ومنع الهمجية ونشر التعاليم الأوروبية بين الطوائف الشرقية وبهذه السياسة الخفية دخلت ممالك كثيرة في الهند واستعمرت كثيراً من سواحل آسيا وأفريقيا واستوطنت بعض جزائر البحر الأبيض والمحيط الهندي وامتندت سياستها إلى أن دخلت مصر بصورة لا نبحث فيها الآن لشهرتها حتى بين رجال برلمانها وتدوينها في كتبهم وجرائدهم وكانت علة التداخل بالقوة تأييد الحضرة الخديوية في سندها ووضع حكومة نظامية تشابه حكومات أوروبا ونشر التعليم المدرسي في إنحاء البلاد حتى تذهب الخشونة بالعالمية ويتأهل المصريين للقيام بأعمال حكومتهم على زعمهم. فهذه المقدمات حسنّت للمصريين مساعدتهم على الوصول لهذه الغاية الحميدة فشاركوهم في الأعمال واستشاروهم وأخذوا بآرائهم وقبلوا نصائحهم وأخلصوا في محبتهم ومودتهم حتى كاد أن يتم الامتزاج بين الأمتين المصرية والإنكليزية
وقد لاحظ الأستاذ ذلك فأخذ يحث المصريين على مجاراة الأوروبيين في الإدارة والصناعة والتجارة والزراعة والسياسة ويرشدهم إلى طرق الوصول إلى ذلك ولك حال بينه وبين أمنيته إجراء زعموا أنهم خدم للإنكليز وعبيدهم الواقعون على أعتابهم فأخذوا ينشرون سلطانهم وخليفتهم وافتراء مكاتبيهم على أميرهم المفخم وحكامهم الطاهرين من دنس اللؤم والخيانة ويرمون المصريين بأنهم ضعفاء الإدراك لا يحسنون صناعة ولا يصلحون إدارة ثم داروا حول أبواب الإنكليز يوهمونهم أنهم عبيدهم