قد سكنت بعرب وترك وكنعانيين وإسرائيليين تبادلوا التجارة مع المصريين والاختلاط بهم قديماً وحديثاً جاهلية وإسلاماً وقد دخلت تلك الديار السورية والشامية تحت سلطة المصريين المرة بعد المرة وانتهى الأمر بخضوعها للسلطة العثمانية التي تشمل مصر بسيادتها الملوكية فرحل الكثير من أهلها إلى مصر استيطاناً واتجاراً واستخداماً فتلقاهم أهلها بما عهد فيهم من البشر والطلاقة وكرم الأخلاق حتى ملئت بهم دوائر الحكومة والمدن والقرى ممتعين بأحسن ما يتمتع به عظيم بين قومه آمنين على أرواحهم وأعراضهم وأموالهم بين أخوانهم وقد عرف الأستاذ ذلك فنادى بالجامعة العثمانية والعصبية الشرقية وبين ما كان بين الفينيقيين والمصريين من قديم الألفة والاختلاط وتبادل التجارة والاستيطان وحث على قطع عروق الشقاق والتباغض واعتدال كل فريق في سيره من غير تعصب على أخيه بما يسلبه فضيلة المحبة الأخوية ولكنه صودر في سعيه بأجراء فتحوا لهم جريدة لشق عصا الاجتماع الشرقي وتفريق كلمة الفريقين فأخذوا يذمون المصريين أخوان السوريين ويتهكمون بمن آووهم بعد الضياع وأعزوهم بعد الهوان وأغنهم بعد ألفافة فكان لصدى صوتهم سوء الوقع في قلوب المصريين والسوريين معاً لما في ذلك من دواعي النفرة والبغضاء وقد زادوا الطين بلة بالسعي في إذلال الفريقين وإخضاعهم لغير سلطانهم وهم يعلمون أن فيهم العثماني والفرنساوي فنفر الجميع من سياسة السخافة والذهول وقامت الجرائد السورية تذم تلك الجريدة البلهاء نثراً ونظماً وتبين فساد عقيدة محرريها وسوء نياتهم ومساعيهم المذمومة فما أرادوا إلا إيقاع النفرة بين المصريين والسوريين تسهيلاً لطريق التمكن