مجله الاستاذ (صفحة 918)

فإن انكلترة أثرت تأثيراً ما في بعض المواد المدنية وإن عجز معظم رجالها عن إصلاح الأعمال المسلمة إليهم إنما قلنا المعظم لأن في رجالها رجالاً صرفوا أوقاتهم في ترتيب ما نيط بهم من

الأعمال وسهروا في تنقيح قوانين إداراتهم واجتهدوا في كسب الشرف بحسن تصرفهم واستخدموا من الوطنيين من استعانوا به على أداء مصالحهم وأرضوا به كل وطني كالمستر سكوت. ومنهم من ترك هذه الطريقة وأبعد الوطنيين واستبدلهم بأغراب فاستحق المقت والنفور منه والحط عليه وليته مع استعانته بالأغراب أصلح ما وسد إليه من الأعمال كلاً فإنك لا تجد الخلل إلا بين الغرباء كما لا تجد الإصلاح إلا بين الوطنيين. ورجال الإنكليز يعلمون أن الجرائد المخلصة وقفت موقف الناصح المرشد م عهد نشأتها فلو سمعوا نصحها وأعرضوا عن الجرائد التي يعلمون من سيرها تنفير المصريين بتفريق الكلمة وتوزيع الأهواء لرأوا من الأمة استحساناً لعملهم وميلاً لأفكارهم الإصلاحية وما دامت تقرب إليها الشحاذين (الشحاتين) وهم يستعملون إهانة المصريين بعبارتهم الخشنة وسياستهم السخيفة فإنها لا تربح ولا رجلاً واحداً من المصريين حتى الذين يرون معاشهم مربوطاً بتنفيذ آرائهم فإنهم أنما يفعلون ذلك تقيّة بخلاف ما إذا استعانوا بأهل البلاد على الإصلاح فإنهم يجدون رجالاً نصحاء شرفاء أذكياء فضلاً أمناء أقوياء على الأعمال والأقوال مع إخلاص وحسن نية. فإن الإصلاح موقوف على توحيد الفكرين الوطني والإنكليزي لينتج من ذلك نتائج تأتي بالمقصود وما دامت تستعمل أهل الكدية الجهلة فإنها لا ترى إلا تفريقاً في الكلمة وتشتيتاً في الأهواء وإيغاراً للصدر وأين هذا من وعودها وطنطنة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015