جرائدها بأنها ما تريد إلا إصلاح مصر وإن مصر للمصريين. وبالجملة فإن اتكاء انكلترة على جرائد تنافر المصريين اتكاءٌ على محضاءٍ (عود تحرك به النار) كلما حرّكت عضدها عليه أضرم ما خمد من نار النفرة. والعجب للإجراء حيث يقولون في بعض العمال المصريين أنهم مسالمون للإنكليز وهم لا يدرون ما تحت هذه العبارة من التفريق ومعاكسة الإنكليز فإنهم يوهمون أن العمال قسمان قسم مسالم للإنكليز وقسم مسالم للحكومة أو الحضرة الخديوية بالضرورة إذ لا مقابل للأول لا هذا فيكون هناك تضاد بين سعي الحكومة الوطنية وبين سعي الإنكليز والإنكليز تنكر ذلك إمام أوروبا وتقول إنها إنما تشير على الحكومة المصرية بما فيه الإصلاح فإن صدقت كان الإجراء جارين على ما استؤجروا لأجله من الكذب والافتراء على أنهم يعلمون أن المديرين وبقية العمال الملوحين بهم مصريون ربتهم الحكومة المصرية على نفقتها وهذبتهم برجالها ورقتهم بإحسانها
وحلتهم بالرتب والنياشين بتفضلها وهم إلى الآن يأخذون أجورهم من مالها ولم يروا في مسند الخديوية غير العائلة التي نشأُوا في نعمتها وعظموا تحت ظلها واستلموا إدارة الأحكام باسم المولى العباس الأفخم صاحب الحق الشرعي والبيعة المأخوذة عليهم وعلى كل مصري فنسبتهم إلى الإنكليز بعد ذلك هو عين رميهم بأنهم خانوا مواليهم وكفروا نعم ساداتهم وجهلوا حقوق وطنهم وغفلوا عن خصائصهم وأهدروا واجبات إنسانيتهم وأنهم قوم لا يميزون بين الوطنية والأجنبية حتى أصبحوا يخدمون الغير بتقديم بلادهم طعمة لمن لم يتعب في تربيتهم ولا صرف لهم درهما من جيبه ولا يعرفهم بعد قضاء الوطر منهم إلا بصفة الخدم ويسميهم الخائنين