وعدنا في العدد الماضي بالتكلم على أصل الطرق وفوائدها الدنيوية والأخروية وما أحدث فيها من البدع التي ليست من الدين ولا من الطريق ولو قدر الناس الطرق حق قدرها لأجلوها ونزهوها عن البدع والأهواء فإنها في الأمة أكبر داع لاجتماع العصبية وتأليف القلوب وتوحيد الكلمة ويؤدي بها ما لم يؤده صاحب السوط فإن صاحب السوط يحرك الأجسام وصاحب الطريق يحرك القلوب وفرق عظيم بين من يعمل بظاهره وبين من يعمل بالظاهر والباطن وسنبسط الكلام على هذا في عدد آخر إن شاء الله تعالى. والآن نتكلم على حقيقة الطرق التي أُخذت عن الأشياخ فإننا إذا عرفنا ما قاله أشياخنا المتقدمون فيها سهل علينا تمييز الحق من الباطل فيما نسمعه ونراه من شيوخ الوقت قال كبير القوم وحجتهم سيدي أحمد الرفاعي رضي الله عنه طريقنا الكتاب والسنة ألا أن الفقير على الطريق ما دام على السنة فمتى انحرف عنها ضل عن الطريق. طريقنا أن لا تسأل ولا ترد ولا تدخر وإن تتحقق أن الكل بيد الله وكل ميسير لما خلق له وأن تقف عند حد الشرع ولا تتعداه. هذا الطريق واضح أغلق منهاجه جماعة اضطرب عليهم الحال وما بلغوا مقام التمكين فتجاوزوا بالشطح والدعوى الحدود فتبعهم فريقان فريق انقاد بحسن الظن وفريق قاده الجهل وكلاهما على شفا جرف ألا أن الطريق محجة بيضاء كل ما فيه من قول وفعل بطن أو ظهر لا يتجاوز دائرة الشرع إلا أن كل طريقة خالفت الشرع زندقة الطريق أن تقول آمنت بالله