بين سكونهم وعدم تعرضهم لدين غيرهم وبين سعي غيرهم في تنصيرهم لرأينا أمراً يذهل العاقل ويحير الأفكار بهذه الدعوى الباطلة فأننا لم نسمع أن مسلماً دخل أوروبا لدعوة أهلها للإسلام ولا أن جمعية عقدت لنشر دين الإسلام بين النصارى ولا أن أناساً اجتمعوا للمذاكرة في كيفية إخراج النصارى من دينهم ولكننا نرى ونسمع هذا كله من أوروبا ومع ذلك يقول عنا ذوو المطامع الملكية إننا متعصبون تعصباً دينياً والله يعلم أن هذا التعصب لا رائحة له في جميع بلاد الأمة الإسلامية وأنه لا يوجد إلا بين رجال أوروبا ولتأييد هذه الدعوى بالبرهان نقول إننا رأينا في تقرير جمعية التوراة الإنجيلية الإنكليزية عن سنة 1892 ما ترجمته. تأسست هذه الجمعية سنة 1804 بقصد نشر كلمة الله في الدنيا كلها وقد صرفت على الآن 11000000 جنيه في الترجمة وطبع الكتب المقدسة ونشرها وصرفت من مخازنها 130000000 كتاباً تقريباً وترجمت الإنجيل بثلثمائة لغة ومنها لغات كثيرة لم تكتب بها كتب قبل ذلك. وقد ساعد هذه الجمعية كل علماء النصرانية ولم يبق إقليم في الأرض إلا وحصل فيه تأثير من هذه الجمعية ولم تقتصر على اتخاذ عمالها وباعة كتبها ومكاتبها من أوروبا بل اتخذت لها عمالاً في جميع أقطار العالم وهي تطلب المساعدة من كل أوروبا بنشر كتبها والكتابة إليها. ثم أنه يصرف من مخزنها العمومي الموجود بلندرة وحده ستة آلاف كتاب كل يوم ولها مخازن أخرى في لوندرة وغيرها من أوروبا ولها مطابع في لوندرة واكسفرد وكمبريج وباريس وبروكسل وامستردام وبرلين وكولونيا وفينا ورومة ومدريد ولسبون وكوبنهاجن وسنت بطرسبورج واسلامبول وبيروت وبومباي ومدراس