اشتغلنا به لأمكننا أن نرده إلى أصولنا بالتأويل أو بالقياس أو ندافع عن أصولنا ببيان الفساد الذي فيه وأما رده دفعة بلا نظر ولا استدلال فإنه تعصب للجهل لا للعلم والدين فإننا لا يمكننا أن نقيم حجة على فساده ونحن لم نشتغل به. والمتقدمون من علمائنا وأن اشتغلوا ببعض هذه العلوم وبينوا الصحيح منها والفاسد ولكنها الآن انتقلت من صورها إلى صور أخرى فبعد أن كانت تعلم بالفكريات صارت تعلم بالنظريات أيضاً وإجراء العمليات تطبيقاً للقول. على
أننا لا نريد أن يخرج من الأزهر أطباء ولا مهندسون ولا بياطرة ولا كيماوية وإنما تريد أن يكون لعلمائه أو بعضهم إلمام بهذه العلوم التي هي من ضروريات العلماء بحثاً ومناظرة تعميماً للنفع وليكون طالب العلم في الأزهر مؤهلاً لتلقي هذه العلوم بالمدارس الأميرية عند الحاجة إليه. وحيث قد وصلنا هذا المقام لزمنا أن نبحث في طريقة التعليم الجارية الآن فيه أن كانت نافعة مفيدة أو هناك طرق أسهل منها وأنفع للطالب فنقول. هذا الجامع المبارك يتفق أن يوجد فيه من عشرة آلاف طالب إلى عشرين ألفاً فاجتماع هذه الأعداد الكثيرة في بقعة واحدة مع عدم وجود أطباء للكشف عليهم مما يوجب انتشار العدوى بالأمراض المصاب بها بعضهم ويلزم من ازدحامهم وخامة هواء المسجد وقذارة أرضه. ومع عدم وجود خدم لهم في الأروقة واشتغالهم بالمطالعة والحضور تبقى أماكن نومهم على أوساخها متعفنة بفضلات الطعام وما تحمله النعال. ولكونهم لا يتعلمون شيئاً من علم الأخلاق وترتيب المنازل تبقى ثيابهم وسخة وأجسامهم منتنة بما يتراكم عليها من الإفرازات الجلدية وما يلصق بها من الهباء الجوي والغبار