الاشتغال بالسياسة. ثم أخذت هذه القوة العظيمة في التنازل والضعف بوقوف العلماء بباب الأمراء لغير حاجة وتوسلهم إليهم ببعض الحاشية والجلساء ومدحهم بالقصائد طمعاً في الجوائز وكتابة الكتب بأسمائهم تقرباً منهم والخضوع إليهم إظهاراً للطاعة وموافقتهم على الأهواء أحياناً طمعاً في وظيفة حتى انعكس الموضوع فبعد أن كان الأمراء يركبون لأبواب العلماء صاروا هم يركبون إليهم أو يذهبون إليهم مشاة من المسافات البعيدة وهذا الذي سلطهم عليهم بالنفي تارة والتكدير مرة والسجن حيناً والقتل يوماً كأنهم من الأفراد الذين لا حق لهم في التعظيم والإجلال وما جلب عليهم ذلك ألا تهاونهم ونزولهم من ذروة العفة إلى حضيض الطمع وعدم محافظتهم على مجدهم وشرف وظائفهم ومراكزهم العالية الجليلة. ثم أخذت الحالة في التقهقر حتى فقد الأزهر كثيراً من العلوم واقتصر فيه على تعليم النحو والفقه طول السنة وبعض رسائل من التوحيد والمنطق والبيان في بعض الأيام وندر أن يحضر طالب شيئاً من التفسير والحديث وأصول الدين ألا أن عزم على أن يمضي عمره في الأزهر انتظاراً لشيخ يقرأ شيئاً من هذه العلوم أما علوم التاريخ واللغة والفلك والحساب وغيرها مما تمس الحاجة إليه فقد ذهبت بذهاب أهلها ثم تنبه بعض العلماء في العصر الحاضر لقراءة بعض العقليات والآليات توسيعاً لنطاق العلم فيه ولكنه بعض ضعيف في كل قوي كان ينبغي أن يأخذ بحظه من الرياضيات والآليات التي لا تمس عقيدة ولا تنقض أصلاً من أصول الدين. على أن الذي نراه مغايراً للدين لم تظهر لنا مغايرته إلا بعدم الاشتغال به ووصوله إلينا على يد من يخالفنا ديناً فلو