تصدوا لقتل العلماء وإحراق الكتب وإلقائها في الأنهر لعلمهم أن القوة العلمية هي القابضة على القلوب والأرواح وبهذا حصل تقهقر عظيم في عالم العلم واختفى العلماء في الزوايا خوفاً من القتل ثم ذهبت تلك السحابة التتارية وقبض الملوك المختلفون جنساً على أزمة الممالك الإسلامية واستغلوا بالحروب والمغالبات ولكن العلم أخذ في التقدم والانتشار مع تلك الموانع القاطعة وتقلبت صور التعليم بحسب الضرورات والمكان ومحدثات الزمان التي يهدى إليها التأنق في الأعمال إلى أن أنزوت التعاليم البغدادية والكوفية والبصرية والإشبيلية والفاسية والقرطبية
في البقعة المباركة المصرية المسماة بالأزهر.
وصار الأزهر المبارك مدرسة المسلمين الجامعة فهرع إليه أهل اليمن والحجاز والهند والجاوة وسناودرفور وبربرة وكوردفان وبرنووتمبكتو وفلاتة وجبرت والشام والعراق والمغرب والأناطول وبنيت لأهل هذه البلاد أروفة مسماة بأسماء ممالكهم ووقفت الأوقاف العظمية للطلبة وقرئت فيه كتب التفسير والحديث والفقه والتوحيد ومصطلح الحديث والأصول والقراآت والتجويد ومرسوم الخط والنحو والمنطق والبيان والبديع والمعاني والعروض والحساب والتاريخ والهندسة وتقويم البلدان والوضع والصرف والاشتقاق واللغة والهيئة والطب والعقاقير والإنشاء والفلسفة وتهذيب الأخلاق والزراعة والحيوان والإنسان واشتغل بعض العلماء فيه بعلوم الأوفاق والرمل الزايرجة والكيمياء والدخن والأبخرة والنارنجيات والسيمياء والطلاسم والتعاويذ والرقي وفنون كثيرة من فنون الشعبذة. واشتغل الناس كذلك بالتعليم والتعلم في أسلامبول (مدينة الإسلام التي هي الأستانة) ودمشق وبغداد ومكة المكرمة وفاس