مجله الاستاذ (صفحة 608)

منهم الكتاب الذين لا يكون الوزير الأول ألا منهم. والقضاة الذين يسوون بين التابع والمتبوع في مجلس القضاء والحكم والتنفيذ. والسفراء الذين ربطوا الدول بالمعاهدات والمهادنات والمخابرات السياسية وحفظوا وحدة النظام الدولي بمبادلة المكاتبات الودية ولا نقول كان منهم المهندسون والكيماويون والأطباء وعلماء الهيئة والحساب وتقويم البلدان (الجغرافية) والتاريخ والسياسة فغن هذا غير محتاج إلى بيان بعد أن وصلنا الألوف المؤلفة من كتبهم التي دونت في أكثر من سبعين عاماً. وبقبض العلماء على أزمة الدين من جهة ومقاود الأحكام من الأخرى صاروا عصبية قوية بين أيدي الملوك لا تعمل في هيئتها الأسلحة لما لهم من المنزلة العليا والمحبة الكبرى في قلوب الأمم فاستمالهم الملوك ولا ينوهم واستوجهوهم إليهم حتى تمكنوا بهم من إخضاع الرعايا وتسكين الفتن وتأليف النفوس النافرة وتوحيد الكلمة الجامعة وتأييد الممالك بوضعياتهم وتربية الأمم بآدابهم. وكانت العالمية عامة في خلفاء وملوك الصدر الأول الإسلامي فكان الخلفاء يحاجون العلماء ويعلمون الجهلاء حتى قال المنصور الخليفة العباسي للإمام مالك رضي الله تعالى عنهما لم يبق عالم إلا أنا وأنت. وبمعرفتهم قدر العلم وذوقهم لذة العقليات والنقليات سعوا في توسيع دوائر العلم وترجمت الكتب وبنيت المدارس العظيمة ورتبت للعلماء المرتبات الكافية ووقفت عليها العقارات والمزارع وهرع إليها الناس من كل إقليم وناحية حتى نبغ ألوف ألوف وصاروا أساتذة لغيرهم وانتشروا في البلاد داعين إلى الله تعالى معلمين علومهم. وامتد النمو العلمي والتحسين التعليمي إلى زمن التتار حيث

طور بواسطة نورين ميديا © 2015