جهنم العذاب أو جهنم شبيهة بها. ولا فعل معهم المسلمون مثل ما فعلته فرنسا مع الجزويت وهم إخوانها في الدين وإن اختلفوا في المذهب ولا مثل ما فعله البلغار مع المسلمين من هدم مساجدهم وقتلهم وهم في الجمعة يصلون ولا مثل ما فعله الروس في الشركس الذين اضطروا لترك أوطانهم وأثاثهم وماشيتهم وهاجروا إلى بلاد الدولة مشاة لا يحملون إلا أجسادهم. بل بقينا معهم كل هذه المدة نتبادل الوظائف والزيارات وامتلاك الطين والعقار فلم نسع في شق عصا اجتماعهم وتفريق كلمتهم لتتخذ ذلك ذريعة إلى أمر مطوي في باطن المستقبل ولهذا لم نجد دولة من الدول العدوانية علة دينية تتداخل بها في
شأن مصر باسم راحة المسيحي والمحافظة على المعابد المقدسة وإعطاء الأقباط حريتهم في عوائدهم الدينية بل كان ائتلاف المسلمين بهم حجاباً بين مصر وبين تلك الدعوة التي تعودتها أوروبا تغريراً وتضليلاً وفتحاً لباب الحروب بعلل وهمية لا وجود لها في الخارج. ولهذا نرى المسلمين متألمين من انشقاق إخوان الوطنية وحل رابطتهم التي مضت عليها القرون الكثيرة وهي أوثق رابطة عقدت عليها القلوب لا الخناصر والكل يهجس ويخمن في الباعث والعاقبة فقد أدبتهم مساعي أوروبا الخيرية ووجدوا تحت كل نصيحة من نصائحها أساليب شتى للإذلال والاستعباد على أن الأمر لو كان متمحض القبطية لساء المسلمين تنافرهم وهجرهم كنائسهم ومقابلة بعضهم بعضاً بصدور ممتلئة غضباً وحقداً بعد أن كانت وعاء ألفة ومحبة وهذه ثمرة المخالطة الأجنبية وحسنة من حسنات أوروبا التي تتصدق بها علينا. ولسنا نتكلم في الشقاق من حيث داعيه وإنما نتألم منه