والخديوي الأعظم ينظر إلى هذا الجموع نظر الأب الرحيم إلى الأبناء العاقين فلا نعترض على بربر أفريقية فضلاً عن الإنكليز إذا جاؤوا وأخرجونا من مساكننا وأبعدونا عن عائلاتنا وتمتعوا بما نخلفه لهم من عرض ومال ومتاع وعقار. مضت والله أيام التقاعد والاغترار بالترهات وصرنا بين يدي خديوي يريد أن نجاري الإنكليز في الأعمال الإصلاحية والمطالبة بحقوقنا الوطنية ونحن عن إرادته السنية ساهون. ويجب أن نتقدم في التجارة والصناعة والزراعة والمعارف ونقبض على أزمة أمورنا ونحفظ عرشه المصري بالمصريين ولكننا عن نظره العالي عمون. يتالم من ضياع المصري والاستخفاف به وتركه في زوايا الإهمال أكثر من تألم المبعدين ولو أحسسنا بما عنده من الآلام لبتنا لمضاجعنا جافين. إن أوروبا تنظرنا من بعيد لترى أعمالنا وما نتقلب فيه من الأحوال وما تهدينا إليه إنكلترا مما نؤيد به الخديوي الأفخم كمنشورها التداخلي ونحن عن هذا كله لاهون. كفوا أيها المصريون عن القيل والقال فقد عيرتنا الأمم بأننا نقول ولا نفعل واظهروا بين يدي إنكلترا برجال يسرها تجمعهم حول أميرهم الذي جاءت تؤيده واطلبوا منه حقوقكم المقدسة واشكروا إنكلترا على ما أوصلتكم إليه من الحرية التي تركتكم تتظاهرون تظاهراً أدبياً طلباً للحقوق وسعياً خلف الحقائق والامتيازات الوطنية فإن كل إنكليزي يراكم في هذا التقاعد وهو يد أب في عمله الليل والنهار يقول لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا.
كلكم قائل ((بيدي لا بيد عمرو)) مضت السنين العشر التي قابلتم غرتها بالأفراح والزين وطرتم فيها حول الأوهام طرباً وسروراً وعميتم عن سوء