هذه تقول أنا وطنية أنادي خير البلاد وصلاحها موقوف على جعل الأعمال بيد المصريين تحوطهم عناية الحضرة الخديوية الجليلة تحت مراقبة بريطانيا حتى إذا رأتهم قاموا بحكومة ثابتة مؤيدة بالقانون الحق النافذ وقت وعدها وأجلت جندها وتركتهم يتمتعون بحريتهم في بلادهم كما تتمتع البلغار والجبل الأسود والسرب وغيره مما هو أقل من مصر بكثير والأمة مرتاحة لها. وهذه تقول مصلحة البلاد موقوفة على زيادة نفوذ الإنكليز ووضع الإدارات تحت أيديهم بمساعدة النزلاء حتى يتهيأ المصريون لاستلام أعمالهم لا تبالي رضي عنها المصريون أو غضبوا منها. وهذه مذبذبة
لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء وهذه علمية تهذب النفوس وهذه تورد لهم من مصادرات الأديان ما يوقعهم في الشك والتردد وهذه دينية وهذه حقوقية وهذه طبية. ثم تركت المصريين يغدون ويروحون بين هذه المتناقضات وهم يتناظرون ويتجادلون لا رقيب عليهم ولا جاسوس ولما رأت أن كثرة المؤثرات الفكرية لم تنبههم على طلب حقوقهم وظهورهم أمامها بالتظاهرات الأدبية استدلالاً على استعدادهم للقيام بأعمال بلادهم تركت الجرائد تخوض في المواضيع المتضادة وتلعب بالأفكار الجامدة ونحن في بحار اللهو غارقون. ثانياً أنها كفت يدها من الأعمال عند دخولها مصر وسلمتها إلى المصريين ظاهراً لتقيم الأدلة لأوروبا أنها ما دخلت إلا لتراقب المصريين وتشير عليه بما فيه التوفيق بين مصالحهم ومصالح الدولة ولما لم تجد أمامها من يجعل هذا الظاهر باطناً بحصر السلطة في الذات الخديوية الفخيمة