ومنعت المستحقين وطردت كثيراً من خدمة المساجد اقتصاداً مالياً وتخفيفاً دينياً ثم رفتت ضباط العساكر الوطنيين الكبار واستبدلتهم برجالها خوفاً من ثورة يدفعونها بها عن بلادهم أو يحمون بها دينهم ثم حجرت على المدارس تعليم بعض علوم شرعية وألزمتهم بتعلم لغتها والأخذ بالطبيعيات والرياضيات حتى لا يشم الأبناء رائحة الدين لئلا يعلموا أنهم يغايرونهم ديناً فيثورون عليهم أو يلتجئون إلى دولة أخرى وهذه عواقب الالتجاء إلى دول أوروبا والاغترار بوعودها الخلبية وشروطها المكتوبة بالماء على صفحة الهواء. وهذه دولة الروسيا دخلت مرو وهراة وبخارى باسم حمايتها من أعدائها وبعثت إليها بتجارتها فنفذت ثم برجال يساكنون أهلها فمضوا ثم بعساكر في الحدود فأقاموا ثم بشروط تربطها بها فأمضيت ثم هي آخذة في تقدم لغتها هناك توصلاً لإعدام اللغات الوطنية التي يموت بموتها الدين وحمية الجنس والغبرة الوطنية وهذه إنكلترا دخلت مصر باستدعاء أهلها وأخذهم بناصرها بعلة تأييد المركز الخديوي الشريف ثم زيد على تلك العلة علة بث النظام ووضع حكومة ثابتة تشابه حكومات أوروبا وقد بذلت ما في وسعها في التحسين والتنظيم بما يتراأى لها ولم تجد غير آذان سامعة وأيد عاملة ولكننا مع كثرة سماعنا وتعليمها لنا لم نقلدها في شيء مما دخلت لبثه فينا بل تركناه تفعل أفعالها ونحن نتفرج عليها كأننا في ساحة سيماويٍّ يرينا من أعماله العجائب ونحن في حيرة من ألعابه المدهشة. ومن جهل أعمال إنكلترا في مصر بيناها له ليرى أنه حقيق بما يوجهه إليها من النكير. أولاً أطلقت حرية المطبوعات والأفكار فرأينا الجرائد الكثيرة تتكلم بما تريد وتتصرف في أفكارها كيف تشاء.