العلل التي ستتخذها أوروبا وسيلة للتداخل باسم وقاية أملاك أتباعها ومن لنا بكف يد الوزراء عن مثل هذا التهاون ويكفي ما جرى وما ذهب منا سدى فإن ارتكنا على الشروط فقد ارتكنا على أوهن من العنكبوت فإننا لم نقدر على تنفيذ عهدة برلين فيما يختص بنا وقد وقع عليها الدول فكيف تنفذ شروطاً بيننا وبين رجال جعلتهم الدولة ذرائع للتداخل ووسائل لا سوء المقاصد. ولقد أذهلتنا أعمال أوروبا التي لم تسمح لشرقي بامتلاك شبر في أرضها وهي تخرجنا من مساكننا وتقيم فيها بلا شروط معقودة ولا حجة مسجلة ولكنها معذورة فإنها لم تجد من يعارضها أو يجاريها فهي لا تعترف إننا معها في ثوب الإنسانية بل تقول لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا.
إن دولة من دولة أوروبا لم تدخل بلداً شرقياً باسم الاستيلاء وإنما تدخل باسم الإصلاح وبث المدنية وتنادي في أول دخولها أنها لا تتعرض للدين ولا للعوائد ثم تأخذ في تغيير الاثنين شيئاً فشيئاً فلا تقدم على العمل بل تفعل الشيء على قبول التجربة فإن نفذ فقد مضى وإن عورضت فيه التزمت والتأويل كما تفعل فرنسا في الجزائر وتونس حيث سنت لهم قانوناً فيه بعض مواد تخالف الشرع الإسلامي بل تنسخ مقابلتها من أحكامه ونشرته في البلاد واتخذت لتنفيذه قضاة ترضاهم ولما لم تجد معارضاً أخذت تحول كثيراً من مواده إلى مواد ينكرها الإسلام توسيعاً لنطاق النسخ الديني ولم نلبث أن جاريناها وأخذنا بقانون يشبه
أن لم يكن هو هو ولم ينتطح في إصلاح مواده المخالفة عنزان ثم تداخلت في الأوقاف واستولت على غلتها