العقائد الدينية وعودهم على الشعائر الملية ونبهوهم بجرائد وطنية صادقة اللهجة صافية النية عارفة بما يقدمهم وينفعهم وأوقفوهم على تواريخ آبائهم ومسابقات الدول في بلادهم ودسائس أوروبا وحذروهم من رجال الفتن والأُجراء الذين يخدمون أوروبا باسم المصلحة الشرقية أوجدوا أمامهم رجالاً وأي رجال ولكنهم أهملوا ممالكهم وأهدروا حقوق رعاياهم فأصبح ملوك أوروبا يفخرون عليهم ويعيرونهم بما صاروا إليه من الضعف والاضحلال ويقولون لو كنتم مثلنا لفعلتم فعلنا.
ولا لوم على الأوروبيين في ذلك فإنهم إنما يسعون في مصالحهم واتساع ممالكهم وتجارتهم والشرقيون يرونهم يعملون الأعمال العظيمة في بلادهم وهم ينظرون إليهم نظر المغشي عليه من الموت ولا يتحركون لمجاراتهم أو لإيقاف تيار تداخلهم ويرونهم يسلبون أعمال أمرائهم وولايتهم عملاً فعملا وهم ناكسو الرؤوس منكمشون في ثيابهم. تسمع منهم أصوات عالية في خلواتهم يظنها السامع أصوات أناس حريصين على المجد والشرف فإذا خرجوا إلى الطرقات ساقهم أضعف أوروبي بعصاه وهم بين يديه كأنهم قطعان الأغنام تساق إلى الحظائر. بمن نقيس الجزائري إذا شاركه التونسي والهندي والمصري والقبرصي والعدني والمسقطي والزنجباري والبرنوي والبخاري والمروي والطاغستاني والتركماني والسرخسي وقابله المراكشي والأفغاني برعدة الخائف الوجِل ونظر إليه العجمي والعراقي واليمني والحجازي والنجدي والشامي والسوري والطرابلسي والأناطولي نظر المتوجس الحذر الذي تبعثه الهمة وتقعده القلة كلما شموا رائحة السلم من دولة جاءهم إنذار