مجله الاستاذ (صفحة 477)

شيئاً ولا نجح المترجمون. وماذا نصنع بكتبنا التي تجل عن الحصر إذا تكلمنا باللغة الميتة العامية أنحرقها أم نترجمها بالكلام الفارغ.

ولماذا لا تكتب الإنجليز كتبهم العلمية وجرائدهم باللغة الدارجة عندهم تعميماً للفائدة التي تريد أن تعممها في مصر وهل ترى أن المصريين إذا قرؤوا القرآن باللغة العامية عند استعمالها ونسيان غيرها أيرضى عنهم المسلمون أم يعدونهم منهم وهم يعتقدون أن تغيير حرف منه أو تقديمه على ما قبله كفر مخرج للفاعل من الدين.

أظن أن الأزهر قصد أن يختبر المسلمين فاخترع لهم هذا الباب ليرى رسوخ قدمهم في حب لغتهم وتنبههم لأصولهم الدينية حتى إذا رأى منهم ميلاً لأفكاره واستسحاناً لاختراعه ذمهم وبكتهم وشنع عليهم في مجامع أوروبا وقال أنهم قوم لا يعرفون قدر جنسيتهم ولا حق وطنهم ولا فضل لغتهم ولا شرف دينهم فهم همل لا لغة لهم ولا دين.

أما ذمة المصرين بعدم قدرتهم على الاختراع وعدم ثباتهم وعدم إقدامهم وعدم قولهم الحق فأمر تعودنا سماعه من الأوروبيين ولكن يعز علينا أن نسمع مثله من رجل من رجال دولة تريد أن تهذب المصريين وترقيهم إلى المدينة وتحب لهم الخير في كل عمل تقدمه لهم أو تدعوهم إليه فإن صدور مثل هذا الشتم منه ربما دلنا على أن ما نسمعهُ من النصح والوعظ وهمٌ فنتهم غيرهُ بما نتهمه به وربما كان بريئاً من التهمة بعيداً عن الخداع فنرجوه أن يرجع عما يملأُ قلوب المصريين بغضاً فإنه بمثل هذه الأهاجي القبيحة يضيع أتعاب رجاله عشر سنين فإنهم بذلوا جهدهم في جذب المصريين إليهم بالرفق واللين وحسن المعاملة ومراعاة الحقوق والمحافظة على الآداب والعوائد الإسلامية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015