باتساع نطاق لغته فينا فحق لهذا الفاضل أن يبكت الذي أحيوا لغة الأجانب بأمانة لغة البلاد. ولكننا لو فرض وتعلمنا اللغات الأجنبية وتكلم بها صغيرنا وكبيرنا عند الحاجة إليها لواجب علينا أن نحافظ على لغتنا العربية ونستعملها في معاملاتنا الخاصة بنا وبين أبنائنا وأهلينا وفي كتب ديننا وعلومنا الأصلية والفرعية لبقاء الدين والجنس ببقائها وهنا لا تضر اللغة الأجنبية المستعملة في الضرورة لا في المعاملات والمخاطبات كما كان من اليونان أيام خضوعهم للترك فإنهم اضطروا لتعلم اللغة التركية لقضاء ما يلزمهم من الحاكم بها مع محافظتهم على لغتهم فيما بينهم وفي كتبهم الدينية ودراستها فبقيت العصبية الدينية والروح الجنسية حية بحياة اللغة التي جاءت الفرصة فخرجوا من ذل التابعية إلى عز الاستقلال ولو كانوا تركوا لغتهم رأساً لصاروا أتراكاً مسلمين بحكم اللغة التي استبدلوا لغتهم بها.
وحاجتنا الدينية إلى لغتنا أشد من حاجة اليونان إلى لغتهم إن الإنجيل لما ترجم بغير لغتهم تناولوه كما تناولوا الأصل والقرآن لو ترجم بلغة أخرى لعجزت الترجمة عن أداء مفهومه ومنطوقه، كما قدمنا فضلاً عن أن المصريين خصوصاً والمسلمين عموماً لم يترجموا كتبهم العلمية إلى لغة غيرهم ولا نسي من تعلم الأجنبية لغته الأصلية بل ترجموا كتب العلوم الحديثة إلى لغتهم وكتبوا بها كتبهم وجرائدهم وحكاياتهم وهزلهم وجدهم فاللغة الصحيحة هي الحية لاستعمالها بين الخاص والعام من عقلاء الأمة واللغة الدارجة هي الميتة لعدم استعمالها في غير الضرورات التي يقضيها الحيوان بلا لغة، ثم قال الفاضل: ((إن مؤلفاتنا التي تفتخر بها قد نهبت لفظاً ومعنى إلى مراكز الأمم النامية فزادوا