عليها أُمور كثيرة فهي حية في تلك الأمم ميتة عندك لأسباب منها عدم صحة النسخ فكتبنا كلها أغلاط ومنها عدم وجود من يفهمها الآن وقد مات من كان يعرف معانيها. ومنها أن كثيراً قد نسخ بما أظهرته التجارب وقام غيره مقامه. ومنها الزيادات الجوهرية التي حدثت بعدهم ويجب معرفتها مما
لا وجود له في هذه الكتب)) أما قوله إن مؤلفاتنا قد نهبت الخ فإنه لا ينكر إن الإنكليزي والفرنساوي لم يفهمها إلا بعد تعلمه لغتنا العربية واتقانه معرفة قواعدها وإلا استحال عليه أن ينطق بالكلمات العربية من مخارجها فضلاً عن فهم معناها فإذا كان الأجنبي يتعلم لينقل ما فيها من لغته أفلا نتعلمها للمحافظة على ما عندنا، وإذا كان الأجنبي يقدر على فهم معاني لغتنا وهي أجنبية عنه أفلا نقدر على فهم مؤلفات علمائنا ونحن من عشيرتهم. وأما تعليله بالأغلاط فلظنه من باب التنكيت فإن الذين تمدح بهم من الإفرنج ما أخذوا تلك العلوم إلا من هذه الكتب فيلزم أن يكون علومهم فاسدة لأنها مأخوذة من أغاليط لا صواب فيها ولكنه مدحهم، والمدح يستوجب الصحة غالباً.
فإن قيل أنهم صححوها وهي بغير لغتهم قلنا أفلا يقدر أصحاب اللغة على تصحيح كتبهم وهي أدرى بمركباتها من غيرهم.
وأما قوله قد مات من كان يفهم معانيها فإنه منقوض بنفس القائل فإنه أحد من يتكلمون باللغة العربية وله اقتدار على فهم معاني تلك المؤلفات والأخذ منها والنقل عنها كما فعل في مؤلفاته العربية مع كونه غير مشتغل بجميع العلوم العربية فالعلماء القائمون بتعليم تلك العلوم ودراستها يعرفونها حق المعرفة على كل كتاب شروح وحواشٍ يشهد بذلك الكتب التي ألفت من القرن الأول الإسلامي إلى الآن وعلى أن العلوم التي أهملت