الحكومة تعصب لجنسه فاجتهد في إبعاد المصريين عن الوظائف الأميرية ووضع وطنيه مكانه حتى أقفل بيوتاً كثيرة وافقر أغنياء بقطع موارد الثروة عنهم ثم تحيز كل جنس من النزلاء في نقطة سكناً واستيطاناً ليبعد عن المصري ويستقل مع جنسيته بخصائص المجامع التجارية والأدبية والأفكار الإدارية والدولية واتخذ كل فريق مجمع لو أو أنس خادمهُ وصاحبه ومديره من جنسيته حتى لا ينتفع المصريُّ بشيء من الغرباء. ثم اجتمعت كلمة النزلاء على ذم المصري وتقبيح أعماله وأقواله وإظهار خفاياه إلى من يهمهم الإطلاع على عوراته التي يرونها باباً للدخول في بلاده أو سل ما بيد. وهذه الأعمال كانت سبباً في غرس الضغائن بين المصري وبعض نزلاء بلاده إذ لا يتصور أن إنساناً يتغلب على قوت إنسان ومظهره وأثاثه وعقاره ثم يرى أنه بعد ذلك يحبه أو يحمده فغن رأى منه ميلاً او محبةً فإن ذلك نفاق يداري به بعضهم بعضاً ويتقي به كل منهم شر الآخر ولهذا ترى النزلاء لخوفهم على ما بأيديهم من التجارة والأعمال يظهرون التجنس بغير الجنسية الشرقية ويعدُّون أنفسهم من الغربيين ليشتركوا معهم فيما يسمحون لهم به من الأعمال. ولا يلام غربي على تداخله في شؤون الشرق وأهله فإن ذلك من أطماع الملوك في كل زمن وإنما نلوم الشرقيين على تعاميهم عن مصلحة بلادهم وانصرافهم عنها بالاشتغال بمصالح الغربي فإن من داخل الأجناس الشرقية القاطنة بمصر ورأى تفرق الأهواء حول المنفعة الذاتية وكراهة كل جنس لمثله وتقبيح كل فريق عمل الآخر وسعي كل طائفة في إذلال الأخرى مع غفلة المجموع عن ثمرة الاجتماع الشرقي ونتائج قلع الأحقاد وتصاممهم عن سماع الدعاة إلى توحيد الوجهة والسير وذمهم