كل من دل على فضيلة أو حذر من رذيلة وتعصبهم على كل نابغ منهم زاعمين ان ما هم فيه هو ثمرة المعارف ونتيجة العلوم واهمين أن الفضل في قلب الحقائق وعل الباطل حقاً والخطأ صواباً علم أن الشرق إنما أضاعهُ أهلهُ وافقره بنوه وأذله نباؤه. ومن رأى التقاطع الحاصل بين ذوات المصريين الأول وبين القائمين بالأحكام الآن وتمدح الفريق الثاني برأيه وتدبيره وذم السابقين بالجهالة والخشونة وكراهة الفريق الأول ولما هو حاصل من الثاني ثم رأى تباعد العلماء عن مجالس الأمراء والنبهاء ونفورهم من المحدثات من غير رد قولي او
معارضة فعلية وحط بعض الناس عليهم بنسبتهم إلى أمورهم برآء منها ثم رأى تحيز افرقاء الأمة إلى هذه الأقسام وتوزيع الأهواء حول تلك الغايات الوهمية أيقن أن الوهن تمكن منا معاشر المصريين خصوصاً والشرقيين عموماً بتخاذلنا وتقاطعنا وصار وصول الغرباء إلى مقاصدهم أسهل من تناول الماء من عين تجري على وجه الأرض فلو ابدل الذوات والأمراء والعلماء والنبهاء السابق منهم واللاحق هذه المنافرات والمطاعن الافترائية بتوحيد كلمتهم وتخللوا بجامع بعضهم متذاكرين ومتشاورين وعقدوا عزائمهم على مقابلة تلك العصبيات بعصبية مصرية أو شرقية لها من فضائل الأجناس ما لغيرها وأخذوا في إصلاح ما بيدهم من الأعمال والإدارات باتفاق الآراء وتدبير شؤنهم الخاصة والتزام الاقتصاد وحسن السير لنظرتهم أوروبا بعين الاعتبار والإجلال وأمكنهم أن يحافظوا على بقي من موجبات الشرف وحياة الوطنية والجنسية. وإلا فما حظ البلاد من عظماء يجتمعون للمسامرة بما ليس فيه فائدة للبلاد وشيوخ كل حديثهم ذم الشبان وما هم فيه من الاسترسال خلف الشهوات من غير أن يبينوا لهم طرق