مجله الاستاذ (صفحة 341)

لا بعث ولا أجر على عمله لفر من ساحة القتال فإن ارغم قاتل مكرها. ولا يقال أن الشرف الوطني يلزمه باقتحام غمرات الموت فإنه إذا علم أنه يقدَّم للموت ليفوز الملك أو الأمير بمراده ولا ثواب ولا نعيم فإنهُ لا يبيع حياته بلذة غيره. وإذا بطل هذا كله لزمنا البحث في العلل التي أوجبت التأخر ولا نتوصل إليها إلا بمعرفة الأسباب التي قدمت أوروبا فبضدها تتميز الأشياء.

السبب الأول

لا ينكر أن ممالك أوروبا كانت دوقات وكونتات وايالات وممالك صغيرة وكبيرة وإن الذين

صيروها إلىما هي عليه الآن عائلات تسلطت على عائلات وضمت الأجزاء إلى بعضها وصيرت كل قطعة عظيمة مملكة مستقلة. وعند ما تغلبت هذه العائلات خافت من تحرك الهمم خلف الاستقلال فهدتها التجارب إلى توحيد اللغة في بلادها لتميت حمية الجنس التي تدفع إليها اللغة فلم يكن في بلاد فرنسا أو انكلترة أو ألمانيا من يتكلم بغير لغة البلاد والمراد بعدم التكلم بلغة الغير ان المملكة توحد اللغة في المعاملات والتأُليفات والتعليم والمخاطبات فلا يستعملون لغة الغير إلا لضرورة تدعو إليها بحيث لا يتوسع فيها إلى حد أن تسطو على اللغة المحلية. وقد اعتنت الدول بذلك حتى أن مثل البلغار قلدت الدول الكبيرة ومنعت لغات الغير من استعمالها في مدارسها. وبهذا القانون نقلوا كل جنس دخل تحت سطوتهم إلى لغتهم فحكمت اللغات على الأجناس التي أخذت بها وصيرتهم كأهلها في الأخلاق والعادات لنسيانهم لغاتهم وانفعالهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015