بفواعل اللغة الموضوع لها تلك الألفاظ. ملوك الشرق اخطأُوا هذا الغرض وتركوا المحكومين يتكلمون بلغاتهم ويتعلمون بها فبقيت الجنسيات حية بحياة اللغة وذلت خاضعة بقدر ما دعت ضرورة الضعف والفراغ من المعدات وكلما فتح لجنس باب ثورة أو محرك لاستقلال تدافع حول الداعي وتفانى ف الخروج من السر الغير يشهد بذلك الأمم التي حكمها الرب ولم يوحدوا اللغة فيهم فخضعوا بقدر ما استعدوا للخروج من سلطتهم أو للتغلب عليهم حتى تمزقت المملكة وتوزعت في أيدي الثائرين والمتغلبين. والترك والفرس عندما افرغت إليهم دولة العرب تركوا الناس ولغتهم ولم يوحدوا لغتهم في محكوميهم لا بطريق الإجبار ولا بطريق التعليم فبقيت نار الجنسيات تحت ردم انتهاز الفرص حتى تمت المبادئ فقامت عليها الأجناس ثائرة بنفسها أو منبعثة بتحريك الغير لها. ولا ينكر ذلك إلا من جهل استقلال الفرس والأفغان وبخاري واليمن وتونس ومراكش ومسقط وزنجبار والبلغار ورومانيا والجبل الأسود والسرب وممالك السودان والهند الإسلامية وقد كانوا تحت السلطة العربية ثم التركية والفارسية بعدها. وهذا الذي أخاف ممالك أوروبا فاتخذت ما حصل للعرب والترك والفرس كتاباً تدرس فيه وقاية ممالكها من العوارض المعددة لوحدة كل أمة منها. وكما اتخذت هذه الطريقة لتوحيد الجنسية في بلادها التزمتها في الأمم المتغلبة عليها ولكنها لم تجعل الانتقال إلى لغتها إجبارياً بل التزمت التدرج لذلك بتعميم التعليم بها لئلا بنفر المحكومون إذا علموا
سعيها في إماتة لغتهم فهي تخادعهم باسم التعليم حتى إذا انقرضت الطبقة الحاضرة خرجت