فنزع عني سرج الجلَبَه. وادخلني في العربة. فكتفوني اقوى كتاف. وشدوا مني الأطراف. وربطوا رفيقاً معي في خشبة. واسلمونا إلى سائق العربة. فلما احسست بالوثاق. وشيق الخناق. صرت اشب واضطرب واقوم وانقلب. وقد اخذتني عزة النفس. فاكثرت من الريح والرفس. حتى كسرت العربش. وقطعت التعاريش. فربطوا تلك العدد. واصلحوا منها ما فسد. وشوا وثقي. وضيقوا اطواقي. وتناوشتني السياط. وأنا في صهيل واختباط. حتى ضعفت قوتي. وقلّت حيلتي فاستقمت في السير. فراراً من الضير. واصبحت كبعض الدواب الشغَّالة. آكل التبن والنخالة. وتمرنت على السحب والجر. ونسيت الكر والفر. وتعرَّيت من السروج المختارة ولبست الطوق والجرَّارة. فهل من حر يذهب إلى بلادي. ويقف في مرابطها وينادي. يا وجوه الخيل. وكرام بني كحيل. ويا نسل الاعوجيات وسلاسل الصافنات. إن الناس تركوا الفروسية. بالتعميق في المدينة. واستبدلوا صهرات العز. بمقاعد الخز. وتركوا الحماسة وركوب الخيل. ومالوا إلى العربيات كل الميل. وقد ذهبت دولة الخيل العظيمة. وحماسة الفرسان القديمة. ولم يبقى إلا فرسان الجنود. وحاملوا البنود. ونفر قليل. يميل إلى جنسنا الجليل. واستطرد الأمر بالناس. كأنهم سكارى الكاس.
فوقعوا في سوء الأدب. وصار مقعدهم عند الذنب. ثم صهل وانشد
كم وقفة لي بنجد ارهبت عربه ... والآن أُكوى بنار السوط في عَرَبه
مجرَّد الجسم مغلول ومقترن ... بآخر من هجان الخيل في خشبه
بعد السروج لبسنا لكل سابغة ... مثل الإِكاف وطوق الجرِّ في الرقبة