الأغر إلا في زمن هجمت علينا فيه جيوش الأزياء والتقاليد فانتزفت دم ثروتا واقعدت هممنا واورتث عقولنا وأبداننا أمراضاً يعز استئصالها بمرور الأعوام الطويلة وجرعتنا غصص الفاقة والاحتياج. ومن العجيب أن هذه الدواهي المتسترة باسم اللطائف الأوروباوية حجبت أبصارنا عن طرق التقدم والنجاح إذ صارت حصناً منيعاً يمنعنا من المسابقة في هذا الميدان فإننا نشرب الأشربة الأفرجية على اختلاف أنواعها ولا بحث عن جواهر تركيبها ولا عن السموم القتالة المختلطة بها ولا عن فتكها بأبدانا وعقولنا وأموالنا. ونلبس الأزياء الأفرنجية من أحسن مودة وأظرف وارد جديد ما بين فرنساوي وانكليزي ونمساوي وغيره ولا نهتم بالبحث عن كيفية حياكتها وتفصيلها وخياطتها ولا نميز بين متانة ملبوسنا الوطنيوحسنه ومايترتبعلى استعماله من إحياء الصنعة وثروة الصناع. ولا نبالي بالأضرار البدنية الناشئة عن تقميطنا بملبوس غريب يناقض استعدادنا الصحي أو المرض الموروث عن آباءٍ وجدود ذوي عمائم وقناطين وزعابيط كما لا نبالي بضرر المآكل الأفرنجية لمن لم يعتدها فقد تهالكنا على التقاليد باسم الحرية وبعدنا عن أطوار الإنسانية بأمور سميناها تمدنماًوهي احط من درجة المتبربرين بل من درجة الحيوان. ولم ندر إلى أي حد تنتهي بنا هذه الضربات القتالة التي نزعم أنها حرية وتمدن وقد تركتنا مفتخرين بالمعاصي والشرور ولم نقتصر على هذا الضرر العادي بل تعديناه إلى مس عقائد الأديان بعدم الصوم والصلاة وترك الروابط التي تربط العبد بمعبوده. ولعمري أن هذا قد زاد في الطنبور نغمة فإننا عوضاً عن سعينا في طريق التقدم الحقيقي قد سعينا في طريق