الذي لابد منه لكل أمة استوطنت المعارف بلادها وقامت لمضارعة الأمم المختلطة بها تجارة وسياحة واستيطاناً لزمنا أن نفصل كل فرع من فروع التقليد ونبين منافعه ومضاره عند المقلّد بصرف النظر عن حسنه عند المقلّد فقد يكون الشيء الواحد سبباً لعطب شخص كما يكون نجاة لآخر والدواء الواحد يكون سماً لذات شفاء لأخرى فلا يلزم من استحسان الغير لشيء نفعه لآخر، وما أريد
بذلك إلا الخدمة الإنسانية ومحافظتي على الفضيلة من حيث هي فضيلة في قومها وتبين الرذيلة بمباينتها أخلاق وعادات ذوي الأفكار والله المستعان جل شأنه.
...
رثاء
فجئَ الأدب ورزئَ الإنشاء وبكت الأقلام على كاتب شق بفكره بحار العلوم حتى أدرك مغاص لآلئها فساح في قاع تلك البحار الزاخرة طلباً لما حلّى به صدور الكتب والرسائل حتى بهر الكتاب بحكمه وآدابه وملأ البلاد بأسفار خدمته التي بذل فيها نفيس العمر متحملاً مشاق المحادَّة ومضض سيوف المعارضة وصبر للدهر ونوازله صبر الجبال على انهمار السيول حتى وضع قدمي جريدته الأهرام على أساس متين وكساها حلة وطنية صيرتها محبوبة عند المصريين ولطالما عالج الوقت بما يناسبه وألبس جريدته لكل سياسة لباساً يناسبها وما ذاك إلا بقوة الحزم وشدة العزم، وأظنه لا يحتاج لتعريف بعد ذلك فإن من سمع هذه الأوصاف قال أنها لا تنطبق إلا